مرحبا بكم في منتدى النادي البيئي لمدينة الناظور
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 تعدد اللغات الرسمية بين الضرورة والواقع

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
sara_brazi

sara_brazi


الدولة : المغرب
الثور عدد المساهمات : 14
نقاط : 10360
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 15/03/2010
العمر : 32
الموقع : nador

تعدد اللغات الرسمية بين الضرورة والواقع Empty
مُساهمةموضوع: تعدد اللغات الرسمية بين الضرورة والواقع   تعدد اللغات الرسمية بين الضرورة والواقع I_icon_minitimeالثلاثاء مارس 30, 2010 9:58 am

يطرح مطلب ترسيم الأمازيغية اليوم من طرف الكثير من نشطاء الحركة الأمازيغية بوصفه مدخلا لإقامة وضع لغوي عادل في المغرب. والحقيقة هي أن هذا الرأي يصدر عن قراءة متسرعة وعاطفية للواقع المغربي، لا تراعي التعدد الذي يزخر به هذا الواقع الانقسامي، ولا تنتبه للدور الهام والجوهري الذي لعبته اللغة العربية وما زالت تلعبه في ضبط هذا الواقع، وتحقيقها لنوع من الإنصاف والتوازن بين مختلف مكوناته اللغوية والثقافية.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا النوع من الدعوات إلى ترسيم أكثر من لغة يقفز على معنى الترسيم ولا يعمل على تقديم أي تعريف واضح له، إذ يحصره في بضعة أسطر تدرج في الدستور لينتهي الأمر. بينما للمسألة، عكس ذلك، آثار اقتصادية وسياسية وثقافية وإقليمية واضحة. كما أنها قد تؤدي على المدى القريب، وإذا ما تم استغلالها من طرف الاتجاهات النـزوعية المتطرفة، إلى خلق نوع من الثنائية الثقافية الحادة وإدراج المغرب ضمن الدول التي تعاني من الصراع اللغوي والثقافي الذي يحكمه العنف والكراهية.
وحتى لا يفهم هذا الموقف بوصفه رغبة في نفي الاختلافات الموجودة في المجتمع، نقول مسبقا، بأننا مع دستور ديمقراطي يعكس طبيعة المجتمع السوسيوثقافية ويضمن لكل المغاربة الحفاظ على تنوعهم والتمتع بقيم المواطنة، دستور منفتح على المكون الأمازيغي بمختلف تعبيراته والمكون الأندلسي والزنجي والعربي الإسلامي والحساني والدوارج المغربية و اعتبار كل هذه اللغات لغات وطنية، مع الإبقاء على اللغة العربية الفصيحة لغة رسمية تجسر العلاقات بين المغاربة وبصفتها أداة للتماسك الاجتماعي رمزيا وثقافيا، بعيدا عن المضامين الإيديولوجية التي هي وليدة مرحلة من مراحل التاريخ.
فاللغة العربية الفصيحة عنصر ضروري لبناء الذات المغربية إلى جانب اللغات الوطنية الأخرى، كما أنها عنصر لا محيد عنه للتعامل مع الواقع الثقافي الدولي المركب ولإيجاد موقع قدم للذات المغربية في مواجهة الأحلاف والتكتلات الثقافية القوية. وهذا هو التصور المتوازن الذي قد يفيد المغرب في هذه المرحلة. والحقيقة هي أن هذا الخطاب المنادي بترسيم الأمازيغية بدل اعتبارها لغة وطنية، ينطلق من تصور خاطئ يعتبر أن في المغرب لغة نالت حقها الدستوري وهي اللغة العربية، والأخرى وهي الأمازيغية عكس ذلك، وأنه مراعاة لمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان يجب إلحاقُها باللغة العربية وترسيمُها هي الأخرى. وهو تحليل يكشف المنطق التبسيطي الذي يحكم هذه الرؤية، والمنطق الاختزالي الذي يحاول إخفاء الواقع المتعدد، بهدف بناء ميثولوجيا سياسية لأصحاب هذا الطرح. وهذا التعدد يطال الأمازيغية ذاتها، بحيث لكي نعكس الواقع كما هو، يلزمنا الحديث عن الأمازيغيات بالجمع. وهذا ليس مزايدة أو خيالا، فالواقع المعيش يشهد أن هناك، في المغرب على الأقل، ثلاث مجموعات كبرى هي تاريفيت وتاشلحيت وتامازيغت دون الحديث عما يتفرع عنها من لهيجات.
كما أن العربية وإن كانت مرسمة عرفيا منذ قرون عدة ودستوريا منذ سنة 1962، فهي لحد الآن غير مرسمةٍ عمليا. ويكفي إلقاء نظرة على الإعلام والإدارات والأبناك والوثائق والتقارير الصادرة عنها، لنلاحظ أن الفرنسية تقوم بنسبة كبيرة من وظائف العربية وتأخذ مكانها.
وصيغة الترسيم المقترحة من طرف الكثير من النشطاء الأمازيغيين، لن تجسد تفعيلا لحقوق الإنسان على المستوى اللغوي لأنها لا تعمل على ترسيم لغة الأم، بل ترسيم لغة لا وجود لها على ألسنة المواطنين، لغة المختبر التي يشتغل عليها المعهد الملكي. وهي لغة كما تم الإعلان عن ذلك، تخضع لعملية تطهير من الألفاظ العربية.
وحتى لو افترضنا أن الدسترة شملت الأمازيغيات بالجمع، فإن الحيف سيبقى قائما على اعتبار أن هناك لغاتٍ أخرى تتمثل في الحسانية في المناطق الصحراوية ولها معجمها هي الأخرى وتراثها المهمش الذي لم ُيبذل أي جهد يذكر لجمعه وتدوينه. هذا دون نسيان الدوارج المغربية التي هي الأخرى تعاني من النظرة الدونية والتحقيرية، وتسميتها بالعامية نسبة إلى العوام وحدها تكفي لإبراز مدى الحيف الذي يلحقها.
يطرح الخطاب الأمازيغي مطلب ترسيم الأمازيغية من منطلق إنصاف هذه الأخيرة ومساواتها باللغة العربية، وهنا تتم ممارسة نوع من المغالطة، ذلك أن اللغة العربية ليست هي المعادل الموضوعي للأمازيغية، بل معادلُها الحقيقي هي الدارجة المغربية التي يتواصل بها جزء كبير من المغاربة.
والمقابلة بين الأمازيغيات والدوارج المغربية أمر مقبول، على اعتبار أنها لغات تشترك في خصائص لا نجدها في العربية الفصيحة المرسمة؛ فهي لغات يُتَحَدث بها في جهات من المغرب دون غيرها وهي في الأصل لغات شفهية، وهي كذلك لغات الأم لكل المغاربة حسب مكان تواجدهم؛ أي أنها هي اللغات التي يتعلمها المرء في السنوات الأولى من تحصيله اللغوي ويتواصل بها في حياته اليومية.
وقد اعتبرت حجة التعدد الثقافي من الحجج التي تتردد بكثرة في خطاب أصحاب هذه الدعوة، ونسجل بداية أنه ليس كل تعدد ثقافي يرادف وضع كل لغات البلد الواحد دستوريا في نفس المستوى، يقول السوسيولوجي الفرنسي آلان تورين وهوأحد ممثلي تيار التعدد الثقافي: "إن الديمقراطية اليوم هي الوسيلة السياسية التي تحمي التنوع الثقافي، والتي تمكن أفرادا وجماعات تختلف فيما بينها أكثر فأكثر من العيش سوية في مجتمع من المفروض فيه أن يشتغل كذلك بوصفه موحدا. ذلك أن أي مجتمع سياسي لا يستطيع أن يعيش إلا بلغة وطنية ونظام قضائي يسري على الجميع، حتى وإن كنا نقبل التعدد الثقافي أكثر فأكثر."
فألان تورين يركز على عناصر الوحدة بقدر تركيزه على عناصر التنوع. ويجب أن نعلم بأن تورين لا علاقة له بالتصور اليعقوبي للدولة بل هو من منتقديه. وخطاب ترسيم الأمازيغية يطالب باسم الديمقراطية، بالتنصيص ضمن مواد الدستور على أن الهوية المغربية هي هوية أمازيغية. وبوهو باسم الديمقراطية ينادي بإقصاء أحد المكونات الأساسية في الثقافة المغربية أي اللغة العربية، وهو ما يشكل قمة التناقض. بل أكثر من ذلك تتم المطالبة بحدف الإشارة إلى أن المغرب جزء من المغرب العربي، بحجة أن ذلك يقوم على أبعاد عرقية، وفي الآن نفسه يُطالب بإدراج المغرب ضمن ما يسمى بتامزغا التي هي فضاء جغرافي وهمي من ابتكار علم الاجتماع الاستعماري الفرنسي ولا وجود له على المستوى الشعوري لشعوب المنطقة، كما أنه أكثر إغراقا في العرقية من صفة العربي التي اكتسبت دلالات ثقافية ولسانية صرفة من شدة اختلاف الأعراق المنضوية تحتها.
ودائما في إطار إظهار تناقضات خطاب الترسيم مع منطلقاته، يمكننا أن نذكر على سبيل المثال لا الحصر زعمه بأن المشروع الأمازيغي يروم إرساء بنيات الحداثة السياسية من خلال توظيف معجم جديد ينتمي إلى الشرعية الدولية وإلى الحقوق الثقافية واللغوية. ودون الحاجة إلى الإشارة إلى أن هذا المنطلق يتناقض شديد التناقض مع خطاب الكراهية الذي يروج له هذا الخطاب ضد العربية، يكفي أن نشير إلى الإصرار على المطالبة باعتبار"الأعراف الأمازيغية" دستوريا مصدرا من مصادر التشريع، فهل من الحداثة المطالبة بالرجوع إلى الأعراف واعتمادها في التشريع؟ أليس هذا الموقف أقرب إلى التقليدانية منه إلى الموقف الحداثي ؟!
بعد هذه التوضيحات التي تبين أن هذا الخطاب الأمازيغي لم يبلغ النضج المطلوب بعد، وأن طريقته في معالجة الدسترة تحاول إخفاء ضعفها الحجاجي بواسطة إركام المطالب دون إخضاعها للمناقشة والتحليل. وتعتمد نوعا من الإغراق المصطلحي الذي يخفي ضعف عقلانية المطالب وواقعيتها. نختم فنقول إنه لو كانت لغة الدستور الرسمية هي إحدى اللغات المغربية المرتبطة بجهة أو فئة أو قبيلة ما، لكان من حق من شاء أن يطالب بترسيم أي من اللغات المغربية الأخرى، أما وأن الأمر غير ذلك فيتحتم الإبقاء على اللغة العربية الفصيحة لغة رسمية، مع التنصيص على وطنية كل اللغات الأخرى دون استثناء. والصيغة التي تعتمد لغة رسمية واحدة، لا تعارض حقوق الإنسان في شيء، بل هذا ما نجده ماثلا في دساتير الكثير من الديمقراطيات الكبرى.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://clubsnador.yoo7.com
 
تعدد اللغات الرسمية بين الضرورة والواقع
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مرحبا بكم في منتدى النادي البيئي لمدينة الناظور :: المنتديات الثقـــافية :: منتدى الكتـــب و اللغــــات-
انتقل الى: